وزير الأوقاف : المجلّات الدينية التي تصدر عن الجمعيات الأهلية خطر داهم وأحد أهم روافد التشدد ويجب الكشف عن مصادر تمويلها وإعادة النظر في ترخيصها وأخذ رأي الأزهر فيه
من خلال خبرتي الطويلة في مجال العمل الدعوي أستطيع أن أؤكد أن المجلّات الدينية التي تصدر عن جمعيات أهلية تعمل في مجال العمل الاجتماعي ، ويسيطر عليها غير المتخصصين في العلوم الشرعية أو بعض المتخصصين المنتمين بوضوح إلى تيار الجماعات الإرهابية ، أو المحظورة ، أو المتشددة ، أو غير المتخصصة على أقل تقدير ، تعد من أهم روافد التشدد وإثارة البلبلة في مجال الفتوى بترويجها لفتاوى لغير المتخصصين ، مما يشكل خطرًا داهمًا على الثقافة الإسلامية الصحيحة ، والأمن والسلام المجتمعي ، بل إن بعضها قد يتضمن من طرف جلي أو خفي نبرات تحريضية وغطاءً للعنف الفكري ، وترويجًا لأفكار جماعات متشددة .
كما أن بعضها قد يكون صادرًا دون أي تراخيص وغير معتمد من نقابة الصحفيين ، الأمر الذي يجعلنا نطلب من النقابة إعادة النظر في جميع الإصدارات الدينية التي تصدر عن الجمعيات الأهلية في غير اختصاصها .
كما نطالب بسرعة الكشف عن تمويل هذه المجلّات ، والتي قد يكون إصدارها على حساب أموال التبرعات التي ينبغي أن توجه لسد جوعة الأيتام والفقراء لا تلميع بعض الوجوه إعلاميًا من خلال هذه المجلات ، أو قد يكون بتمويل أو دعم أجنبي يهدف إلى شق صف البناء الفكري والثقافي والنسيج المجتمعي المتلاحم لهذا الوطن .
على أن بعض هذه المجلات قد تطبع عشرات الآلاف وتوزع معظمها مجانًا ، مما يدفع للقلق تجاه هذا التوزيع المجاني .
كما أطالب وبشدة بضرورة أخذ رأي هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في هذه الإصدارات إن كنا حريصين على الفكر الوسطي .
وأؤكد أن أثر الكلمة أو الفتوى إذا صدرت عن غير متخصص مقروءةً لا يختلف عن أثرها مسموعة أو مرئية ، بل إن المكتوب أبقى زمنًا ، وأطول أثرًا ، وأن بعض هذه المجلات تعمل لصالح فكر بعينه أو فصيل بعينه ، وأن الدولة قد تمكنت في الشهور الماضية من ضبط شحنات كبيرة من الكتب تروج لأفكار الجماعة الإرهابية المحظورة ، وأسهمت الأوقاف في كشفها وفرزها قبل نثرها في المجتمع ، مما يؤكد أننا نواجه حربًا ممنهجة في كل الجوانب الأمنية والفكرية .
على أن ضبط الانفلات الفكري لا يقل أهمية عن إحكام السيطرة الأمنية على البلاد ، وأن خطورة الانفلات الفكري وبخاصة في مجال الفتوى ، وبث الأفكار الفكرية المتطرفة لا يقل خطورة عن الانفلات الأمني وفوضى انتشار السلاح ، بل إن الأمر الأول قد يكون مقدمة للأمر الثاني مع تهيئة المناخ له ، مما يستوجب التصدي بكل حزم لفوضى الفتاوى واقتحام غير المتخصصين لمجالها .
وفي الوقت نفسه نطالب بشدة وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة بتخصيص مساحات وافية للفكر الإسلامي الصحيح على أيدي العلماء المتخصصين ، لأن أهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق أو عدم إعطائهم الفرصة والمساحة الكافية لنشر صحيح الإسلام القائم على السماحة والوسطية ومراعاة مصالح الأوطان والبلاد والعباد .