:أخبار وآراءأهم الأخبارمقالات

الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

  عندما نتأمل في حديث القرآن الكريم عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نجد أنه حديث إكرام خاص , فبينما نادى رب العزة (سبحانه وتعالى) سائر الأنبياء بأسمائهم : ” يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ” (البقرة : 35) , “يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ” (هود : 48) , “يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا” (الصافات : 104- 105) , ” يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ” (طه : 11-12) , ” يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى” (مريم :7) , “يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” (مريم : 12) , “يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ” (المائدة : 110) , خاطب نبينا (صلى الله عليه وسلم) خطابًا مقرونًا بشرف الرسالة أو النبوة, أو صفة إكرام وتفضل وملاطفة , فقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ” (المائدة : 67) , ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا” (الأحزاب :45) .
وإذا كان حديث رب العالمين مع نبينا (صلى الله عليه وسلم) كذلك فإن ذلك يقتضي منا أن نكون في أعلى درجات الأدب , وكيف لا ؟! ولا يكتمل إيمان المرء إلا بحبه ( صلى الله عليه وسلم ) عند من عدّ ذلك من شروط كمال الإيمان ، ولا يصح إلا به عند من عده من شروط صحة الإيمان ، وهو ما يترجح عندنا ، إذ كيف نسلم بصحة الإيمان لشخص لا يحب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) .
والأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي عدم ذكر اسمه ( صلى الله عليه وسلم ) مجردًا عما يليق به من الوصف بالنبوة أو الرسالة أو الصلاة والسلام عليه ، سواء عند ذكره (صلى الله عليه وسلم ) أو سماع اسمه ( عليه الصلاة والسلام ) أو كتابة اسمه المبارك (صلى الله عليه وسلم ) بالغًا ما بلغ عدد مرات الكتابة أو الذكر ، فذلك من أخص علامات حب سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
ويحذرنا الحق سبحانه أن نجعل من دعاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) كدعاء بعضنا لبعض يقول جل شأنه : ” لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ” (النور: 63) , ويحذر المؤمنين من رفع الصوت في حضرته ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقد سمع الإمام مالك بن أنس (رحمه الله) رجلا يرفع صوته في مسجد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا هذا الزم الأدب في حضرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فإن الله (عز وجل) قد مدح أقوامًا فقال : ” إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ” (الحجرات : 3) , وذم أقوامًا فقال : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ” (الحجرات : 2) , وإن حرمة رسول الله ميتا كحرمته حيًّا .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى