:أهم الأخبارمقالات

دروس من تحويل القبلة

لعل أهم درس نتعلمه من تحويل القبلة هو أن التحول الحقيقي ليس في الزمان أو المكان , إنما هو في فهم معنى التحول , وهو سرعة الاستجابة لأمر  الله تعالى , ومفهوم أن العبرة ليس في التولي قبل المشرق أو المغرب , إنما هي في صدق التوجه حيث أراد الله (عز وجل) , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ“.

أما الدرس الثاني فهو بيان مكانة حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) , حيث يغمره رب العزة (عز وجل) بفيض كرمه , فيقول : “ قَدْنَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةًتَرْضَاهَا , فضلاً منه ومِنَّةً وكرمًا , وبيانًا لعظيم منزلته عند ربه (عز وجل), وامتدادًا لفضل ربه عليه , فهو الذي شرح له صدره , فقال : “ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ , ووضع عنه وزره , فقال : “وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ , وغفر له ذنبه , فقال : “ إِنَّا فَتَحْنَالَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَاتَأَخَّرَ , وزكى لسانه , فقال : “ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى” , وزكى فؤاده , فقال : “ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى” , وزكى عقله , فقال : ” مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ” , وزكى بصره , فقال : “ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى” , وزكى مُعلمه , فقال : “عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى” , وزكى خلقه , فقال : “ وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ” , وزكاه كله , فقال : “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِاللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

وجعل طاعته من طاعة الله , فقال سبحانه : “ مَنْ يُطِعِالرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ“, وجعل محبته (صلى الله عليه وسلم) من محبته (عز وجل) , فقال على لسانه (صلى الله عليه وسلم): “ قُلْإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْلَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ , وحذر من مخالفة أمره , فقال : “فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْتُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ , ونهى عن مناداته باسمه مجردًا , فقال سبحانه : “لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَالرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُالَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَيُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْعَذَابٌ أَلِيمٌ“, ونهى عن رفع الصوت في حضرته (صلى الله عليه وسلم) , فقال سبحانه : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُواأَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُبِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْوَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ .

ومن أهم هذه الدروس بيان عِظَم مكانةِ الصلاة وأثرها في حياتنا , حتى أن القرآن الكريم قد ربطها بحادثين يعدان من أبرز الأحداث في تاريخ الإسلام , هما معجزة الإسراء والمعراج , فقد فرضت جميع الفرائض في الأرض , وفرضت الصلاة من فوق سبع سماوات ليلة الإسراء والمعراج بيانًا لعظيم شأنها , كما ربطها بحدث تحويل القبلة , وعبر عنها القرآن الكريم بالإيمان عندما سأل بعض الصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : عن صلاة الذين ماتوا ولم يدركوا تحويل القبلة إلى المسجد الحرام, فنزل قوله تعالى : “وَمَا كَانَ اللَّهُلِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ , فمن حافظ عليها وأداها كاملة بأركانها وسننها وهيئاتها كانت له نورًاونجاة وبرهانا يوم القيامة , ومن ضيعها لم تكن له نورًا ولا نجاة ولا برهانا يوم القيامة , وهي من أهم الكفارات للذنوب , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُإِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍخَمْسَ مَرَّاتٍ ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا , ويكفي أن نشير إلى أنها أهم أعمال المتقين وأهم أعمال المحسنين , يقول الحق سبحانه : “ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آَخِذِينَمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَكَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْيَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” , ويقول سبحانه : “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِالْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْقُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , ويقول سبحانه : “إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَوَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةًلَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُغَفُورٌ شَكُورٌ“.  

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى