:أهم الأخبارمقالات

بين الإرهاب والإدمان

mokhtar-gomaa3

 

في كثير من الحركات الإرهابية والمافيا العالمية تعد تجارة المخدرات أحد أهم مصادر تمويلها ، وإذا كانت بعض هذه الجماعات تهدف إلى الهدم وغسيل العقول أو مسحها أو حرمان المجتمعات من طاقات وعقول شبابها ، فإنها لا تتورع في استخدام أقذر الوسائل في ذلك ، فإذا كانت هذه الجماعات لا تتورع عن سفك الدماء وعمليات الذبح والحرق والتنكيل بالبشر والقيام بعمليات إجرامية عشوائية تستهدف الآمنين المسالمين وتروعهم بهذه العمليات بما تخلفه من قتلى وجرحى  ومصابين ومبتوري الأطراف ومشوهين ، فهل تتورع هذه الجماعات عن إغراق المجتمعات التي تستهدفها بالمخدرات بكل ألوانها ؟! .

وإذا كانت بعض الجماعات الإرهابية في حاجة إلى حلفاء فلن تكون أقرب إليها وأكثر تلاقيًا معها من مافيا المخدرات والسموم الذين لا يرقبون لا في أقوامهم ولا مجتمعاتهم ولا شباب أمتهم إلاًّ ولا ذمة ، ومن ثَمَّة يجب أن تتوازى جهود أي دولة في مواجهة ظواهر الإرهاب والإدمان والبلطجة على سواء ، فأهداف هؤلاء في الفساد والإفساد إن تتلاقى فإن بعضها قد يستخدم الآخر ، والقضاء على أي منها أو إضعافه يضعف الآخر ، وقد رأينا كيف كانت جماعة الإخوان الإرهابية وما زالت تحاول تجنيد المشبوهين والمطاردين وأصحاب السوابق لتؤدب بهم خصومها ومعارضيها من جهة ، وتحمي بهم كوادرها من جهة أخرى ، فبدل أن تخاطر بخوض المعترك تستأجر أو تستقطب من يخوضها عنها بالوكالة أو الإيجار .

وإذا كنت قد تحدثت في أحاديث ومقالات متعددة عن مخاطر الإرهاب والجماعات الإرهابية والتكفيرية فإني سأركز في هذا المقال على حرمة المخدرات .

إن أي مال يجنى من سبيلها هو مال حرام مهلك ومدمر لصاحبه في الدنيا والآخرة ملعون هو وصاحبه ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ ، وَشَارِبَهَا ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ” (سنن أبي داود ) ، ويقول الحق سبحانه : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” (المائدة :90) ، ولخطورة الخمر ومخاطر الإدمان حذرنا (صلى الله عليه وسلم) حتى من مخالطة المدمنين لأن خلائق السفهاء تعدي فقال (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ ” (سنن الدارمي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم)  : ” مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ ، إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً ” (رواه البخاري) .

ومن ثَمَّة يجب على جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والتربوية والثقافية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني أن تجعل مواجهة الإدمان والمخدرات والتحذير من مخاطرهما جزءًا أصيلاً في جميع برامجها ، وأن تقوم وسائل الإعلام مسموعة ومقروءة ومرئية بتسليط الضوء وبقوة على مخاطر هذه الظواهر السلبية ، كما ينبغي أن تبرز الأعمال الفنية والإبداعية الآثار السلبية للوقوع في مخالب الإدمان ، أو تجار السموم أو موزعيه ، سواء على الفرد أم على أسرته أم على مجتمعه ، ذلك أن شر المدمن لا يقف عند شخصه إنما يتجاوزه إلى أسرته وأصدقائه وزملائه ومجتمعه ووطنه ، ذلك أن من فقد عقله أو اختل توازنه الفكري والنفسي يمكن أن يرتكب أي حماقة من الحماقات لذلك قالوا :”الخمر أم الخبائث” .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى