:أهم الأخبارمقالات

مؤتمرات الشباب وإعداد القادة

     لا ينكر أحد دور الشباب في بناء الأوطان والأمم ونهضتها ورقيها , فقد جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) منزلة الشباب المستقيم الذي يخدم دينه ووطنه في منزلة تالية لمنزلة الإمام العادل في السبعة الذين يظلهم الله (عز وجل) في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله , حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّه، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ  .

    والذي لا شك فيه أن إقامة منتدى الشباب العالمي برعاية سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بمدينة شرم الشيخ في الفترة من 3-6 /11/2018م مع ما سبقه وما يلحق به بإذن الله تعالى من مؤتمرات ، إنما هو حلقة اتصال وتبادل مثمر للخبرات على مستوى عالٍ وعالمي بين شباب مصر وشباب العالم على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية ، مما يصب وبقوة في تأهيل الشباب المصري وإعداده للقيادة سواء على المستوى الوطني أم على مستوى المؤسسات الدولية والعالمية .

    يضاف إلى ذلك جهود الهيئة الوطنية لتدريب الشباب والبرنامج الرئاسي لتأهيلهم ، بما يتضمنان من برامج متكاملة لإعادة بناء الشخصية المصرية المتميزة علمًا وفكرًا وثقافة ووعيًا ووطنية , مع  تهيئتها للمشاركة الإيجابية في بناء الوطن ، وهو برنامج معد بعناية شديدة لصناعة القادة.

       فعند إعداد قيادات المستقبل لا بد من توافر صفات ومقومات ، يأتي في مقدمتها القوة , والأمانة , والوطنية , والثقافة , والقدرة على التحمل وعلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وفعل ما يجب أن يفعل في الوقت الذي يجب أن يفعل فيه دون توانٍ أو تأخر أو طيش أو تهور ، حيث يقول الشاعر:

لا تعجـل الشيء أمام وقته

ولا تفتـه حيـث آن  بالونـى

    وقد لفت القرآن الكريم أنظارنا إلى أهم صفتين من مقومات إعداد القادة واختيارهم, وهما القوة والأمانة , أو الحفظ والعلم , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان ابنة شعيب عليه السلام في شأن سيدنا موسى (عليه السلام) : ” قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” (القصص : 26) , ويقول سبحانه على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) في مخاطبة عزيز مصر : “اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” (يوسف : 55) , فالأمانة وحدها لا تكفي والكفاءة بلا أمانة لا تغني ولا تجدي .

    وفي إطار هاتين الصفتين لا بد من توافر صفات ومقومات تفصيلية وفق طبيعة المهمة التي توكل إلى القائد أو المسئول ودرجة المسئولية الملقاة على عاتقه وحساسية المهام المنوطة بها , ومن أهمها : التفاني والإخلاص في العمل , والقدرة على تحمل الضغوط ، والعمل تحت الضغوط المتعددة , والتعامل مع الأزمات وحسن معالجتها , والرؤية السياسية , والإلمام بمتطلبات الأمن القومي , والقدرة على العمل بروح الجماعة والفريق , والتميز في مستوى الوعي والثقافة العامة , فثمة ما يعرف في علم الإدارة بعموم الفهم وخصوصية التكاليف, ذلك بأن يكون الموظف أو المسئول أو القائد على مستوى عال من الفهم العام لكل جوانب عمله والإلمام بأطرافه ومشكلاته وتحدياته وتداخلاته وتشابكاته مع الجهات الأخرى , أو الزملاء الآخرين , وأن يكون واسع الثقافة ، واسع الإدراك ، شديد الوعي بالمستجدات والمتغيرات ، وعلى أعلى قدر ممكن من الإدراك الذي قد يصل إلى درجة التفرد وعلى أقل تقدير مستوى التميز في المهمة الموكلة إليه، وهو ما يركز عليه البرنامج الرئاسي لإعداد وتأهيل الشباب .

   على أن الذي نؤكد عليه هو أن العلاقة بين الشباب والشيوخ ليست علاقة صراع ولا إقصاء إنما  هي علاقة تكامل وتضافر جهود , فنحن في حاجة إلى طاقة الشباب حاجتنا إلى خبرة الشيوخ , وفي حاجة إلى خبرة الشيوخ حاجتنا لطاقة الشباب وحماسهم.

 

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى