وزير الأوقاف: العدل أساس الملك وصمام أمان المجتمعات
والخطاب الديني ليس بمعزل عن الخطاب القضائي
فغاية كل منهما الحق والعدل
والخطاب الديني ليس بمعزل عن الخطاب القضائي
فغاية كل منهما الحق والعدل
شارك اليوم الاثنين 8 / 1 / 2017م معالي وزير الأوقاف أ.د / محمد مختار جمعة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد العربي للقضاء الإداري والذي كان تحت عنوان : “سلطات القضاء الإداري في الفصل في المنازعات الانتخابية”، وذلك بحضور كل من: معالي أ.د / علي عبد العال رئيس مجلس النواب ، ومعالي المستشار / حسام عبد الرحيم وزير العدل ، ومعالي المستشار/ عمرو مروان وزير شئون مجلس النواب ، ومعالي المستشار / أحمد عبد العزيز أبو العزم رئيس مجلس الدولة والاتحاد العربي للقضاء الإداري ، ومعالي المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة الدستورية العليا ، والسادة رؤساء المحاكم الإدارية العليا ، وقيادات مجلس الدولة ، ونخبة من السادة المستشارين ورؤساء المحاكم والهيئات القضائية .
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية أكد معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن الخطاب الديني ليس بمعزل عن الخطاب القضائي ، فغاية كل منهما الحق والعدل ، وأن العدل أساس الملك وصمام أمان المجتمعات ، ذلك أن الملك يدوم مع العدل والكفر ، ولا يدوم مع الإسلام والظلم ، وأن الله (عز وجل) ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة ، وأن ضمير القاضي صمام أمانه وأمان المجتمع ، ذلك أن القضاة ثلاثة ، قاض في الجنة وقاضيان في النار ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” القضاة ثلاثة : واحد في الجنة واثنان في النار, فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به , ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار , ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار “.
وكما يجب أن يكون الفقيه مثقفًا غزير العلم والثقافة مُلمًا بفقه الواقع وتحدياته ، يجب أن يكون القاضي كذلك ، ذلك أن السلطة التقديرية المتروكة أو الممنوحة للقاضي تحتم عليه أن يُلم بأطراف الموضوع وأبعاده والآثار المترتبة عليه ، وأن يراعى المقاصد العامة للتشريع كما يراعيها الفقيه سواء بسواء ، على أن مهمة القاضي أشق وتتطلب إلى جانب الفقه فطنة وذكاء وألمعية ومواصفات خاصة ، فليس كل فقيه يصلح أن يكون قاضيًا ، وعندما جاء أحد الناس إلى القاضي شريح يسأله أن يعلمه القضاء قال له : القضاء فقه ، القضاء لا يُعلّم ، والمعنى أن عدة القاضي ليست في الفقه وحده ، بل هي في عمق فهمه وحسن تقديره للأمور وقياسه للأشباه والنظائر ، وهو ما يبينه حديث سيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه) عندما سأله النبي (صلى الله عليه وسلم) حين أرسله إلى اليمن : ” كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ “، قَالَ : أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ . قَالَ : ” فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في كِتَابِ اللَّهِ؟ ” . قَالَ : أَقْضِي بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-. قَالَ : ” فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ” قَالَ: أَجْتَهِدُ رأيي لاَ آلُو . قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ في صدري وَقَالَ : ” الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ” ، وتوضحه رسالة سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إلى أبي موسى الأشعري في القضاء حين قال له : آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ ، الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ؛ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا ؛ وَلَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ أَمْسِ فَرَاجَعْتَ الْيَوْمَ فِيهِ عَقْلَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، ثُمَّ اعْرِفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ ؛ وَقِسْ الْأُمُورَ بِنَظَائِرِهَا ، وَاجْعَلْ لِمَنْ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا يَنْتَهِي إلَيْهِ ، فَمَنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً أَخَذْتَ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِلَّا اسْتَحْلَلْتَ الْقَضِيَّةَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلشَّكِّ وَأَجْلَى لِلْعَمَى “.
على أن كل ذلك إنما هو قصد التيسير على القاضي والعمل على سرعة إنفاذ الحق والعدل ، لأن بطء العدل ضرب من الظلم ، ويقولون : العدالة البطيئة كـ ” لا عدالة “.