المصريون قادمون
المصريون قادرون أن يبنوا على تراث الآباء والأجداد , وألا يكونوا عالة عليه , فكما قال الشاعر العربي :
نبنــــي كمــــا كانت أوائلنــا
تبني ونصنع كالذي صنعوا
لكننا لن نستنسخ الذي صنعوا ، فلكل عصر ظروفه ، ولكل حضارة سماتها ، غير أننا نستلهم من هذه الحضارة العريقة العظيمة روح التحدي والتصميم , تواردت عليَّ هذه الخواطر فى مناسبات عديدة ، أذكر منها :
افتتاح المجرى الملاحي الثاني لقناة السويس ، المعروف بازدواج القناة , أو قناة السويس الجديدة ، حيث كان ذلك الأمر حُلماً بعيد المنال ، وظنَّ كثير من المراقبين والمتابعين أن القول بالانتهاء من هذا المشروع العظيم في عام واحد ضرب من المجازفة لكن إرادة القائد والشعب معاً واللحمة التي كانت بينهما , والتفاف الشعب حول قيادته جعل من هذا الأمر الذي كان بالأمس حلماً واقعاً ملموساً أبهر القاصي والداني ، وأعاد للمصريين ثقتهم في أنفسهم وللعالم كله الثقة في قدراتهم ، وهذا أمر له ما بعده كما كانت العرب تقول قديمًا :” هذا يوم له ما بعده ” ، فمعه وبعده انطلقت بواكير مشروعات كبرى في مجالات متعددة كالكهرباء ، والطرق ، واستصلاح الأراضي .
ومن هذه المنجزات متحف النيل الذي افتتح مؤخرًا بأسوان والذي يعد بتصميمه وطموحاته ومحتوياته علامة حضارية تجمع بين عراقة الماضي وروح الحاضر واستشراف المستقبل بإذن الله تعالى ، بما يؤكد أننا قادرون متى توفرت الإرادة والعزيمة على صنع الكثير مما يشبه المعجزات ، وكسر الحاجز النفسي نحو تحدي الصعاب واجتياز العقبات ، ومعالجة المشكلات .
كنت أنظر في مساجدنا العريقة ، وأجد لكل مسجد منها ما يميزه تاريخيًّا أو تصميميًّا أو موقعًا أو مساحةً أو جمعًا بين العديد من هذه المميزات ، ففي مسجد السلطان حسن بالقاهرة على سبيل المثال نجد أكبر إيوان مفتوح في العالم ، كما أن الجغرافيا التي تربط بينه وبين مسجد الرفاعي تعطي طابعًا معماريًا راقيًا فريدًا مميزًا .
وفي مساجد : عمرو بن العاص ، والإمام الحسين ، والسيدتين : زينب ونفيسة ، والمرسي أبو العباس بالإسكندرية والأحمدي بطنطا ، وغير ذلك من المساجد , لكل منها ما يميزه ، أما في مسجد محمد علي بالقلعة على حداثته فمع تصميمه الفريد المميز يضم أعلى منبر في العالم. كنت أقول متى يكون لجيلنا باعه في تشييد بيوت الله عز وجل ، حتى زرت أكثر من مرة مدينة شرم الشيخ حيث مسجد الصحابة الذي وجه السيد رئيس الجمهورية باستكماله على نفقة القوات المسلحة ، بما سيعد عند افتتاحه علامة عصرية مضيئة لجيلنا في تصميم وتشييد وبناء المساجد .
وفي كل هذا ما يؤكد أننا قادرون على اقتحام الصعاب , ومواجهة التحديات , وبناء مصر الحديثة العصرية الرائدة في شتى المجالات , وما ذلك على الله (عز وجل) بعزيز ولا مستبعد .