:أخبار وآراءمقالات

الأمل والحذر

الأمل والحذر

اتصف ربنا (عز وجل) بكل صفات الكمال والجمال، فهو الرحمن الرحيم، العفو الكريم، الغفور الرحيم، القائل في كتابه العزيز: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ”، وهو ما يحملنا على مزيد الشكر لله (عز وجل)، كما يحملنا على مزيد من التعظيم والتقديس له سبحانه، والأمل في واسع عفوه ورحمته، غير أن علينا – أيضًا – الحذر من سخط الله (عز وجل) وغضبه، فهو القائل: “نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ” (الحجر : 49-50)، وهو القائل في محكم التنزيل أيضًا : “إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ” (البروج : 12)، وهو القائل سبحانه: “إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ” (الفجر : 14)، وهو القائل (جلَّ وعلا): “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ” (هود : 102)، ويقول سبحانه: “فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ”(فاطر : 5).
وفي هذا وذلك ما يتطلب أن يكون الإنسان متوازنًا بين حالي الأمل والحذر، حال الأمل في الله، حيث يقول (عز وجل) في الحديث القدسي: “أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” (متفق عليه)، ويقول سبحانه في الحديث القدسي أيضًا: “يا ابنَ آدمَ إنك ما دعوْتَنِي ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُك عنانَ السماءِ ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ إنك لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتَني لا تُشركُ بي شيئًا؛ لأتيتُك بقُرابِها مغفرةً” (رواه الترمذي)، وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَاّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله عز وجل” (رواه مسلم)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَن شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسَى عبدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ منه، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ علَى ما كانَ مِنَ العَمَلِ” (رواه البخاري).
على أن يكون هذا الأمل والرجاء مصحوبين بالخوف والوجل والخشية من الله (عز وجل)، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا” (رواه مسلم)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ” (رواه البخاري)، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: “يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ” فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله: إِنَّكَ تُكْثِرُ أَنْ تَقُولَ: “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ وَطَاعَتِكَ “، قَالَ: “وَمَا يُؤَمِّنِّي، وَإِنَّمَا قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْ الرَّحْمَنِ ، إِنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ “(مسند أحمد)، ويقول الإمام علي (رضي الله عنه): إن اللّه أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرنّ شيئا من طاعته، فربّما وافق رضاه و أنت لا تعلم، و أخفى سخطه في معصيته، فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته، فربّما وافق سخطه و أنت لا تعلم.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى